جميلة تلك الروح التي انطلق بها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بمبادرة نبيلة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كانت تلك الانطلاقة ـ بحسب فهمي ـ ثنائية التوجه، فهي تعالج وضعاً قائماً يحتاج لانسجام أكثر مع المواطنة الصالحة الصادقة، وفي توجهها الآخر تسعى إلى أن يكون الحس الوطني والحوار في قضاياه آمالاً وطموحات هي ثقافة مجتمع، واليوم وقد مضى على هذه التجربة الحوارية الوطنية مدة جيدة للقياس والتقويم والمراجعة في الغايات والأهداف، وفي الوسائل والآليات. قياس للصوت والصدى.
الذين كانوا أطفالاً حين انطلق الحوار الوطني، الآن يعود ـ البعض منهم ـ منتهين من دراسات متعددة ومن بلاد متنوعة في ثقافاتها، فكيف سيكون برنامج الحوار الوطني لاستقبالهم والاستماع إليهم؟ هؤلاء تشكيلة المستقبل ونكهة الغد التي ستقود المجتمع وتوجه حركته مع قدرة هائلة على الاتصال والتواصل، وعلينا ألا نقيس خريجي الابتعاث اليوم بأية حال ابتعاث تأريخة كانت، لاختلاف كل شيء عن كل شيء من حيث العدد والكم، ومن حيث النوع والكيف، ومن حيث التغيرات العالمية في الوجود والتقنية، والعلم والمعرفة، ومن حيث المستقبل المحسوس واللامتوقع.
المقبلون الجُدُد يحلمون لوطنهم (وكل شيء يبدأ بحُلم) وليس من الصواب أن نترك أحلامهم للواقع الذي لا يرون إلا سطحه وتغيب عنهم ظروفه، لا نتركهم للواقع ليجيب عن أسئلتهم فيعطيهم أجوبة قاصرة! أو يبدد أحلامهم من أصلها! أتدرون ماذا يحدث للإنسان حين تتبدد أحلامه؟ كالطائر حين ينكسر جناحه! خُلق ليطير فإذا به لا يحسن حتى المشي على الأرض!
المقبلون الجُدُد يفهمون أن ابتعاثهم فضل وطني وهم مفعمون بالشعور الجميل لهذا الفضل، ويتوقون لشكر النعمة وممارسة المواطنة بأرقى مفاهيمها، فهل يستقبلهم مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني كل عام في حفلة «شاي» ليقول لهم قليلاً ويستمع منهم كثيراً، ويطلعهم على منجزات الوطن التي تحققت، وطموحات الوطن التي هي فعلاً في طريقها إلى التحقق؟ متأمل للخير بكل الحب ونحن مقبلون على عصر الحكمة.
محمد الدحيم
نقلآ عن صحيفة الحياة